أهم وأخطر فترة من عمر الطفل هي
السنتان الأوليان وخلالهما يتعرض الطفل لكثير من العوامل والأمراض مثل
الإسهال. ويستطيع حليب الأم بما يحويه من مواد مناعية أن يحمي الطفل من
هذه الأمراض، حتى إن العلماء لا يزالون يجهلون الكثير من تركيب حليب الأم،
ولكنهم يلمسون النتائج الرائعة للأطفال الذين يتغذون على حليب أمهاتهم.
وبالنتيجة هنالك تأكيد من قبل الأطباء على أهمية إرضاع الأم لابنها سنتين كاملتين، فماذا يقول القرآن الكريم عن هذا الأمر؟
الرضاعة في القرآن الكريم
تأمل معي أخي القارئ قول الحق تبارك وتعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ
أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ
الرَّضَاعَةَ) [البقرة: 233]. إنه نداء إلهي مفعم بالرحمة يطلب من كل أم
أن ترضع أطفالها، ورحمة بهن فقد حدد لهن المدة المثالية للإرضاع وهي حولان
كاملان.
لقد تضمن النداء الإلهي الكريم ثلاث معجزات طبية:
1- في قوله تعالى (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ): هذا أمر
إلهي لكل أمّ أن ترضع أبناءها من لبنها، ولا تلجأ إلى غذاء آخر، وهذا
النداء نسمعه اليوم بكثرة في الولايات المتحدة الأمريكية، من منظمة الصحة
العالمية ومنظمة اليونيسيف، بسبب الفوائد العظيمة التي اكتشفها العلماء في
حليب الأم. ألا نستطيع أن نستنتج أن النداء الإلهي سبق النداء البشري
بأربعة عشر قرناً!
2- في قوله تعالى (حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ): تحديد دقيق للمدة اللازمة
للإرضاع الطبيعي للطفل بحولين كاملين، واليوم نجد الأطباء يؤكدون على أن
المدة المثالية للإرضاع هي سنتان. وتأمل معي كلمة (كَامِلَيْنِ) والتي
نلمس فيها تأكيداً من الله تعالى على ضرورة إكمال السنتين وعدم التهاون في
هذه المدة. ولو تأملنا أقول الأطباء في القرن الحادي والعشرين نجدهم
يؤكدون وبإصرار على ضرورة إرضاع الطفل من ثدي أمه سنتين كاملتين (24
شهراً).
3- في قوله تعالى (لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ): إشارة
رائعة إلى أن الرضاعة لا تتم إلا بعد مرور سنتين من عمر المولود. وقد
رأينا كيف اكتشف العلماء أن هاتين السنتين هما الأهم من عمر الطفل، حيث
تعتبر هذه الفترة مرحلة حرجة يتكون خلالها الجهاز المناعي للطفل، وأن
العديد من الأمراض تصيب الطفل خلال هاتين السنتين، ولذلك هم يؤكدون على
أهمية أن ترضع الأم طفلها سنة كاملة والأفضل أن تتم الرضاعة إلى سنتين!
وسبحان الله! لقد وفر الله علينا عناء البحث والدراسة والتجارب
والاختبارات، وأعطانا المدة المناسبة مباشرة، وتأمل معي قوله تعالى
(حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ) للتأكيد على ضرورة إكمال السنتين، وهذا ما يؤكده
علماء أمريكا اليوم.
بقلم عبد الدائم الكحيل