ضحية السعادة ..!!
أمي ..!
تذوب الكلمات في فمي ..
وتتعثر حروفي قبل ميلادها ..!
ويغمرني برد الحنان ..
وأنا أسطر حروف اسمك ... امي !!
وكأني بين حضنك الدافئ ..
استرضع عطفك وحنوّك ..
وأُشرق ببسمات ثغرك ..
تبلل خدي الوردي ..
دمعاتك الحرّى ..
تتساقط كدرّ الجمّان ..!!
لم أكن حينها .. أعي سر دمعتك !!
واليوم ..
وأنا أعيش غربتي ..
و تيه مشاعري ..
أدركت .. أن دمعتك الحارة ..
كانت تمسح من على وجنتي ..
بقايا من ألم السنين ..!
وتؤذن بيوم الرحيل ..!
لا أدري ماذا أكتب لك يا أمي ..
تتدافع خواطري ..
يسابق بعضها بعضاً..
تتساقط قبل وصولها ..
كأوراق الخريف ..
شاحبة ..
ذابلة ..!!
..::..::..::..::..::..
أمي ..
الأطفال من حولي يتضاغون ويبكون ..
ويلعبون ويضحكون ..
فإن رابهم أمر ..
صرخوا في براءة ..
ماما .!!!
فتتسابق إليهم القلوب والأكفّ الحانيات !!
لتمسح دمعات الفزع !!
ولترسم على مبسمهم ضحكات الحبور والسرور !!
وقبلات الحنان لوحة تشرق في النواصي !!
وأنا .. ما أنا !!
بل ..
أين أنا ؟!!
ما أنا إلا ..
هروب بلا أمان ..!!
كلما فزعت أو رهبت ..
أحاول أن أصرخ مثلهم ..
فتخنقني العبرات ..!!
وتكتم أنفاسي الآهات ..!!
كل هذا ..
لأني لا أجدك ... يا أمي !!
..::..::..::..::..::..
أمي ..!!
لا زلت أذكر أسعد ايامي ..
يوم اللقاء ..
يوم العناق ..!
يوم انسياب عواطفي ...
ذلك اليوم ..
يوم كنت أرتّب مع والدي بعض أوراقه !
فتسقط على الأرض ورقة صغيرة علىاستحياء ..
ارخيت يدي ..
وركع جسدي الصغير يلتقط هذه الورقة !!
فوجدتها حورية في صورة ..
وزهرة متألقة ..
حدّقت نظري ..
وارتجفت يدي ..
ارتبك والدي قليلاً ..
أشاح بوجهه ..
ليواري دمعة .. آن لها أن تسقط !!
لكن .. بعد فوات الأوان !!
أبي ..
من هذه ؟!!
لا أدري اي هذه الجرأة التي جرت على لساني !!
لكن كنت أشعر أني أنجذب إلى هذه الصورة جذباً !!
شعرت بشعور يلفني في سكون ..!
لا أدري كيف اصفه لك يا أمي ..!!
التفت إليّ والدي ..
وهويقول وصوته غائر النبرات ..
هذه ..
هذه أمك يا ولدي !!!!
وخرج ..
وتركني اسير آهاتي ..
تركني اصارع دمعتي ..
تركني في دوّامة أفكاري وذكرياتي !!
لم اكن اشعر بتسكاب دمعي ..
كل ما كنت أعيه حينها ..
أني كنت أقبّل صورتك ..
واضمها نحو صدري ..
وأنا أصرخ في حبور ..
أمي .. أمي .. أمي ..!!
خرجت أخبر كل من وجدت أمامي ..!
بأني قد وجدتك يا أمي ..!!
حقاً ..
لقد كان لقاء حاراً ..
وعناقاً دافئاً ..
بعد سني عمري المتهالكة !!
أخيراً ..
آن لي أن أنادي كما ينادي الأطفال ..
ماما . . ماما ..!
فمتى أراك يا ماما ..
لأنطرح بين يديك
زهرة ذاوية الغصون !!
وعوداً قد جفّت عذوقه
إلا من روائك !!
..::..::..::..::..::..
لا أدري ...
من أعاتب !!
أأنت ..؟!
أم والدي ؟؟!
أم أنتما جميعا ..
يوم تركتماني ..
ضحية ..
ليعيش كلاًّ منكما سعادته !!
ولا أدري ..
أيّكما أسعد بشقائي ؟!!
ربما أنكم نسيتم أني أحمل بين ضلوعي الذابلة !!
والتي كأنها كوخ أشباح موحش ..!!
قلباً صغيراً
ينبض بالحياة !!
..::..::..::..::..::..
كنت يا أمي ..
غضّاً طريّ الحس والإحساس !
أسلب نحوي الألباب ..!
غصناً يتثنّى !!
وورداً يعبق بالأريج
واليوم ..
وقد أرعشني دهري ..!
وتخطّفتني الأقدار ..
صرت عوداً قد يبُسْ !
وتشقق لحاءه ..!
فصرت أنكأ العين ..!
بعد ما كنت سوادها وإنسانها !!
صرت كلمة قاسية ..!
وكابوسا مزعجا ..!
وغمّاٌ وقتاما ..!!
وها أنا .. يا أمي ..
أتجرّع كؤوس الشقاء ..
ومرارة الحرمان ..!!
وبؤس الحياة ..!
حين أشعر ..
أنني ضحية ..
سعادتكما !!!
..::..::..::..::..::..
[size=25]عفواً ..... يا أبي ...
أريد أن أرى أمي !!
=====================
كبر ، وكبرت معه أحلامه . .
تناوشته أسئلة ملحة من كل مكان ...!!
اين يجد لها الجواب ؟؟!!
بعد ما بلغ العاشرة من عمره . .
عرف أنه كان ضحية ...
طلاق !!
نقلا عن الشيخ منير بن فرحان