بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله القائل : {
وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ
اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء
وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا }[النساء
: 69] . والصلاة والسلام على الرسول القائل : (( كل أمتي يدخلون الجنة إلا
من أَبَى . قالوا : ومَن يأبى يا رسول الله ؟ قال : مَن أطاعني دخل الجنة
، ومَن عصاني فقد أبى )) . وعلى آله وصحبه ومَن اتبعهم بإحسان إلى يوم
الدين .. وبعد :
فها هي أيام الإجازة قد انتهت ، وقد كنت أعدُّ
أيامها ولياليها شوقاً إلى لقاء صديقة العمر التي عشت معها أيام الدراسة
حتى أواخر الكلية ، لا أسرار بيننا ، تقاسمنا الأفراح ، عشنا سويًّا لا
يكدر أيامنا شيء .. وفي اليوم الأول من الدراسة .. وفجأة .. وقبل السلام .. يا إلهي
.. ماذا أرى ؟! رأيت أمراً عظيماً قد هالني .. رأيتها وقد نتفت حاجبيها مع
صبغهما بالألوان التي ربما تتناسب مع لون الفستان الذي ترتديه .
قلت لها : ما هذا ؟!
قالت : مِن باب الجمال .
قلت لها : أتعلمين ما اسمه في شرع الله ؟
قالت : لا يهم .( وأظن أنها لا تعلم ما اسمه ) .
قلت لها :
إن كنت لا تدري فتلك مصيبةُ ************ وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم ُ
هذا يا عزيزتي يسمى في شريعتنا (( النمص )) .
نعم النمص .
الذي تساهل فيه بعض المؤمنات – سواء في المدارس أو الجامعات – وكذلك الحال
بين مربيات الجيل ، مما ورث في القلب حسرة وألم . فقبل فترة من الزمن كُنا
نرى النامصات في المجتمع لا يتجاوزن أصابع اليد ، أما الآن فقد انقلب
الحال فصرنا نشاهد النامصات – هداهُن الله – كُثر .
واعلمي يا أخيَّة :بأن النمص محرَّم في شريعة الإسلام ، وبأن النامصة قد عصت ربها ومولاها ، وأطاعت شيطانها وهواها ، شيطانها الذي توعَّدها بالغوية والإضلال وتغيير خلق الله . قال تعالى : {
وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا {117} لَّعَنَهُ اللّهُ
وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا {118}
وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ
آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ } [النساء : 117-119] .
وقد سُئِل سماحة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله ما حكم تخفيف الشعر الزائد من الحاجبين ؟
الجواب :
لا يجوز أخذ الحاجبين ولا التخفيف منهما لِمَا ورد عن النبي صلى الله عليه
وسلم : (( لعن الله النامصة والمتنمصة )) ، وقد بيَّن أهل العلم أن أخذ
شعر الحاجبين من النمص )) [ فتاوى الدعوة 2/229] .
وسُئِل سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ – حفظه الله – ما حكم تشقير الحواجب .. وكذلك نتف ما بينهما ؟
الجواب :
لا شكَّ أن النمص والنتف حرام ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لَعَنَ ((
النامصة والمتنمصة )) فالنمص قص شعر الحواجب أو الوجه فهذا محرم ، أما
تشقير الحواجب وتحديدها فهو تغيير لخلق الله .. والمطلوب أن تدع الحواجب
وما بينهما ولا تحاول أن تقتدي بالكافرات ومن حولها )) [ نور على الدرب ] .
أختي الحبيبة .. يا من قمتي بترقيق حاجبيك ، ورضيتي بذلك من باب التجمُّل ، هل تعلمين ما معنى اللعن ؟!
اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله .
ونحن يا أُخيَّة ما سعينا في هذه الدنيا وعَبَدْنا الله سبحانه وتعالى إلاَّ طلباً لرحمته – سبحانه وتعالى - .
ألا تسمعين عندما يُقال فلانة توفيت ، ماذا نقول ؟ نقول : رحمها الله ،
ندعو لها بالرحمة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لن يدخل أحداً
الجنة بعمله ، قيل ولا أنت يا رسول الله ؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني
الله برحمته )) .
فهذه الرحمة التي يتسابق إليها عباد الله ويتنافس فيها أولياؤه وأولهم
الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي غًفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه وما
تأخَّر ، قد ابتعدت عنها النامصة – هداها الله – بل واقتربت من لعنته
وسخطه – سبحانه وتعالى – من أجل شعرات تُزيلها من حاجبيها !
النمص : الأسباب والعلاج :
وهذه الأسباب عامة في جميع المعاصي .
أولاً : ضعف الوازع الديني :
وهو نقص الإيمان ، وقلَّة الخوف من الله .. فهذه الفتاة عندما وقعت في
المعاصي سواء كانت كبيرة أو صغيرة فإن هذا بسبب نقص الإيمان في قلبها وقلة
الخوف من الله .. فلو أن في قلبها خوف من الله ما عصتهُ وما تلذذت بأكل
ولا شرب والرب عليها غضبان .. .. فأيُّ نَفْس تبارز الله بالذنوب والمعاصي
ثم تأكل مِن رزقه .. وتستظل سمائه .. وتمشي فوق أرضه .. وهي آمنه هانئة ..
فهل تأمن مكر الله {
أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ
نَآئِمُونَ {97} أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا
ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ {98} أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ
يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }
[الأعراف : 97-99 ] . فو الله ما حُرِمْنَا الخير الكثير وحُرمنا لذَّة
الطاعة وحُرمنا القيام بأيسر العبادات إلا بسبب الذنوب والمعاصي .
واعلمي يا أخية أن
من عقيدة أهل السُّنة والجماعة أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية .
فكلما كان إيمانك بالله كبير وخوفك من الله عظيم لن يغلبك الشيطان – بإذن
الله – في الوقوع في النمص .. وأنتِ تعلمين أنَّ فاعلتهُ ملعونة عند الله
، ومطرودة من رحمة الله .. وكلما كان إيمانك أقل .. فالوقوع سهل ؛ لأن
الشيطان يُزيِّن لك ذلك .. ويدخل عليك من باب الجمال والزينة .. ويقول ..
لا عليكِ ، فكل النساء جميلات يفعلن هكذا .. فاتقي الله وراقبيه ..
ثانياً : التربية السيئة :
إن للتربية دور في توجيه الفتاة إما إلى الخير أو إلى الشر ، فالفتاة التي
تعيش في بيئة صالحة .. الأم صالحة .. والأب كذلك .. فلا شك أنها تستحي ولا
تجرؤ على فعل محرم .. وما هذا إلا نتيجة للتربية الصالحة .. أما إن كانت
الفتاة تعيش في بيئة الأم فيها منشغلة بأمور المنزل .. وربما بالهاتف الذي
لا يتوقف رنينهُ طوال اليوم .. ومنشغلة بالجلسات التي لا تنقطع مع
الصديقات والتي لا تخلو من المحرمات ( الغيبة – النميمة – الكذب – الأيمان
الكاذبة .... وغيرها ) ، وكذلك الأب مشغول خارج المنزل لا يعرف أبناؤه
وبناتهُ إلا على مائدة الطعام .. فلا شكَّ أن هذه الأجواء تُهيئ بيئة خصبة
للأبناء والبنات خاصة لفعل المحرمات .. فكلاً منهم يفعل ما يحلو له دون
رقيب .. ولا حسيب .. وبهذا تنشأ الفتاة منحرفة والعياذ بالله ..فكل معصية
تفعلها لا أحد يُنكرها عليها .. وربما يتدرج الأمر بها حتى تصل إلى كبائر
الذنوب والعياذ بالله . بهذا ينعدم التوجيه والإرشاد إلى الطريق الصحيح ..
فلا تجد هذه المسكينة من يوجّهها أو يردعها ، وبالتالي تنفتح عليها أبواب
المعاصي والمنكرات من كل مكان ..